لكن الغريب في الأمر أن
إنتشار هذه المسلسلات في العالم العربي هو من قبيل التجارة الدولية، حيث
تشارك العديد من المؤسسات التركية سواء منها الحكومية أو الخاصة في إنتاج هذه
المسلسلات، فراح المشاهد العربي يبتاع البضائع التركية بشراسة فهذا المعطف قد
لبسته "لميس" وهذا الهاتف قد إستقبل عليه "عمار" مكالمته وهذه
السيارة كان يقودها "مهند"...
وللسياحة نصيب
من خلال تلك المسلسلات فقد شهدت تركيا قفزة سياحية وخاصة من قبل السائح العربي وعند
عودتنا لبعض الإحصائيات وجدنا أن معدل السياحة التركية ارتفعت بـ 10.2 بالمائة
وذلك خلال العشر الأشهر الأولى من عام 2013 فقد وصل عدد السياح الاجانب الى 31.8
مليون سائح وتشير الإحصائيات الى أن الإستثمارات السعودية في تركيا وصلت الى 75 في
المائة من حجم الإستثمارات الخليجية حيث شهدت العشر سنوات الأخيرة تدفق لرأس المال
السعودي لتركيا ثمانية أضعاف ما تم إستثماره في 80 عاما الماضية كما وصل عدد
السياح السعوديين الى 200 ألف سائح سنة 2013 .
والحديث عن تأثر المشاهد العربي بتلك المسلسلات لا نهاية
له حيث تشير الإحصائيات عن تسجيل 700 طفلة بإسم لميس في مدينة الرياض السعودية
وتغيير 200 إسم فتاة بإسم لميس وتسجيل 500 طفل بإسم يحي و300 طفلة بإسم نور...
إلخ.
كما أصبحت هذه المسلسلات خطرا يهدد الشاشة والإنتاج
العربييْن فحتى شهر رمضان الذي كان ينتظره المشاهد العربي ليشاهد خلاله أحدث
الأعمال العربية أصبحت تغزوه المسلسلات التركية، والغريب في الامر أن بعض الأعمال
التركية التي بدأ عرضها في شهر رمضان الفارط لم تنتهي الى حد اليوم.
كما أن كيفية
الإنتاج في حدّ ذاتها تأثرت بالأعمال التركية فالمتابع للدراما الخليجية الصاعدة
يلاحظ مخلّفات التأثر بواقع المجتمع التركي حيث سقط الإنتاج الدرامي العربي في
التقليد الأعمى حتى أصبح الجمال العنصر الرئيس في إختيار الممثلين دون النظر الى
الأداء الجيد ونلاحظ نوعا ما تراجع الأعمال الدرامية التونسية مقارنة بما سبقها من
أعمال درامية أقدم فالكل يتذكر مسلسل "الدوار"، "غادة"،
"الحصاد"...
وهكذا أصبح المشاهد العربي يتمزق بين هويته العربية
الإسلامية وبين ذلك الواقع المنفتح الذي يقع جنوب القارة الأوروبية، فهذا المجتمع
التركي الذي جمع بين ما إكتسبه من الحضارة العربية الإسلامية وما خلّفه انتماءه
الى القارة الأوروبية إستقطب المشاهد العربي بتلك الشخصيات الجميلة والمناظر
الطبيعية الخلابة فباتت المرأة العربية تطالب زوجها برومانسية لا تقل عن رومانسية
مهند لنور وبات الرجل العربي يبحث عن زوجته المستقبلية في تركيا.
المهم أنه مع الوقت ستتراجع الدراما التركية الى الخلف كما تراجعت
المسلسلات المكسيكية وتترك مكانها لإنتاج جديد قد تكون أجنبية كالعادة، فربما قد
تكون دراما صينية ومن غزوها لأسواقنا قد تغزو قنواتنا كذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق